٢٠٠٩/٠٤/٠١

عدد جديد و مدخل مهم الى صناعة المونتاج


ليس مستغرباً على مجلة متخصصة بالسينما كمجلة سينياست ( Cineaste ) أن تخصص عددها لربيع 2009 ملحقاً خاصاً لفن المونتاج و أهميته السينمائية . انقطعت عن قرأة تلك المجلة لفترة من الزمن لكنها لم تغادر ذهني ، الى أن أعدت الاشتراك مجدداً للحصول على اعدادها التي تصدر ٤ مرات في السنة . سينياست (السينمائي اذا أردت) تقدم نقداً مفصلاً لعدة مواضيع سواءاً في السينما الامريكية ، البريطانية ، الفرنسية ، الايرانية ، العربية ، الاسيوية ، كلمات و شرح دقيق تتطغى على صفحاتها بلغة سينمائية موجهة للمستزيدين من تلك اللغة ( عدا عن كونها ذات لغة انكليزية عميقة ).

اهتممت بالحديث عن هذا العدد بالذات لانه يخصص صفحات عدة للحديث عن المونتاج . ففي بعض الاحيان يغيب التطرق لدور المونتير في صياغة الفيلم ، حتى انه يعد فناناً " خفياً" عندما يغيب عن الذكر في تركيبة الفيلم و يبقى المونتير بعيداً بهدوء عن ضجيج الاعلام و أضواء الشهرة ( من قال أن المونتير يكترث كثيراً للشهرة بقدر ما يحسب حساب الاكتفاء الفني بالمنجز ؟). بل لعله أكثر صحةً القول أن المخرج يقضي أكثر أوقاته ، ليس بين فريق عمل التصوير ، بل خلف ماكينة التقطيع بصحبة المونتير، لان الفيلم المنجز هو أخر نص يقدم للعرض .

للمونتير أدواته و عليه أن يكون متمكن فنياً و عملياً من الخوض في غمار تلك المهنة التي تتطلب الكثير من المجهود الفكري و العملى لانجاح الفيلم . ليس بمقدور المونتير أن يعمل من دون تواجد المخرج لتبادل الافكار و الطرق العملاتية لتحرير العمل ، وكذلك الامر ينطبق على المخرج . عملية مابعد الانتاج Post Production تأخذ مجهوداً كبيراً من المونتير و المخرج من دون تدخل خارجي و الا فسد المنُتج ، كالطبخة التي ان تكاثر الطهاة حولها فسدت ( و كما يقول الاخوة المصريين " الطبخة بازت " ) . و في بعض الاحيان قد يلجىء المخرج لأخذ رأي المُنتج في بعض المشاهد . و كفيلٌ بالذكر أن أدوات المونتاج قد شهدت تطوراً لافتاً عبر الزمن. ففي السابق كان المونتاج يتم يدوياً على طاولات التقطيع مثل الموفيولا ( Moviola) و ستينبك (Steenbeck) - تكاثرت بشكل كبير في لجامعات التي كانت تدرس مادة السينما و لكنها اليوم مهملة ، شاهدة على عصر ذهبي - و تحولت لاحقاً الى الديجيتال و برامج الكمبيوتر ، أشهرها Avid و Final Cut Pro .

Walter Murch

والتر مورك كتب عن تجربيته خلف ماكينة التقطيع ، بدئاً بالموفيلا و لاحقاً في برنامج التقطيع Final Cut Pro، في كتابه الشيق " في لمحة بصر " - In the Blink of An Eye- ( العدد الثاني . و هنالك مقدمة للمخرج فرانسيس فورد كوبولا في أولى صفحات الكتاب ) ، فقد خاض تجارب مهمة في المونتاج و تصميم الصوت لعدة أفلام مهمة في تاريخ السينما , تاركاً بصماته على عدة أفلام منها فيلمي المخرج فرانسيس فورد كوبولا " سفر التحولات " (Apocalypse Now . ١٩٧٩) الذي حصل من خلاله على جائزة أوسكار كأفضل تصميم صوت ، و " المحادثة " (The Conversation . ١٩٧٤) و حصل عنه على جائزة أفضل مونتاج و صوت من الاكاديمية البريطانية ، و في ١٩٩٧ حصل علي جائزتي أوسكار كأفضل مونتاج و أفضل صوت عن فيلم المخرج أنتوني مينغالا " المريض الانكليزي " ( The English Patient ) ، و ترشح عن " جوليا" ( Julia . ١٩٧٧)، للمخرج فريد زينمان ، لنيل الجائزة من كلتا الاكاديمية البريطانية و الامريكية ، و في سنة ١٩٩١ ترشح لجائزتين عن فيلم " الشبح " ( Ghost ) و " العراب ، الجزء الثالث " ( The Godfather , Part III . للمخرج فرنسيس كوبولا) .

يذكُر مورك أن " هناك حقيقة مهمة و هي أن العيد من الافلام المشغولة تتشكل من عدة لقطات مجمعة كفسيفساء من الصور. يكمن جزء من الغموض فيها أن تجميع تلك الممشاهد و الصور - عن طريق " التقطيع" حسب المفهوم الامريكي - هي في حقيقة الامر فاعلة في كونها تمثل استبدالاً كلياً و فورياً لمجال واحد من المشهد بأخر ، استبدالاً يُعد احياناً قفزة الى الامام أو الخلف في الزمان و المكان ".


ليست هناك تعليقات: