٢٠٠٩/١٢/٢٢

أفلام للمشاهدة قبل نهاية السنة

أيام معدودة و تنقضي سنة 2009 و تأتي سنة جديدة محملة بمفاجآت ، أمال، و خيبات . بل أن السنوات القادمة ، ان كنا متشائمين ، قد تحمل المزيد من التدهور البيئي و الكارثي في أنحاء مختلفة من المعمورة، و خصوصاً أن لقاء كوبينهاغن لم يحقق أي شئ يذكر ، بل جاء معاكساً لكل التوقعات و وصل الى نتيجة الصفر المكعب . و حامت أسئلة كثيرة : ماذا كنتم ستتوقعون مع دول كالولايات المتحدة و الصين التي تتربع على قائمة الدول المسببة للاحتباس الحراري ؟

لكن قبل انتهاء هذه السنة على خير ، هنا مجموعة من الافلام المميزة لهذه السنة أحببت مشاركتها معكم:

ُمرأة بدون رأس Le Mujer sin Cabeza



اخراج : لوسيريكا مارتيل Lucerica Martel

أثناء قيادة فيرونيكا ( Maria Onetto) لسيارتها في طريقها الى المنزل ، تنشغل للحظة في البحث عن هاتفها ، و فجأة تصطدم يشئ لا تدري ما هو ، فبدل الترجل من سيارتها تُكمل طريقها و تتفادى المشهد. لكنها تعيش قلق دائم يسيطر عليها و تفقد بذلك واقعها . هذا و يتم اكتشاف جثة الصبي ملقى على الطريق ، و يسعى زوجها لاقناعها أن كل شيئ على ما يرام و أن ذيول الحادث يمكن طويها.
اللحظات الصعبة التي تمر بها فيرونيكا تشحن الفيلم بمستويات من المشاعر عن القلق و فقدان الهوية و الشعور بالذنب ، تدفعنا بذلك المخرجة مارتيل (التي حسب قرائتي عنها أن أفلامها لا تلقى الترحيب الكافي من قبل المشاهدين ، لكنها تثبت جدارتها بهذا الفيلم ، على ما أعتقد) الى التفكير و الشعور بتلك الحيرة التي تدور برأس فيرونيكا.

الرسول Un Prophete

اخراج: جاك أوديار Jaques Audiard

عندما يسلم مالك ال جبينا (Tahar Rahim) ممتلكاته الخاصة الصغيرة الى أحد فروع السجن المركزي لانه لا يحق له ادخالها الى سجنه الجديد ، لا يدرك أن حين خروجه من السجن بعد ستة سنوات قد يكون واحداً من أهم زعماء العصابات و أن تلك الاشياء الصغيرة لم تعد تنتمي لجيبه. فمالك الذي يدخل الى السجن الكبير يبدو كالمسكين الذي لن يدوم طويلاً بين العصابات التي تتحكم بمداخل و مخارج السجن ، لكن حنكته تساعده على اللعب بين حبال الكورسكيين و الاصوليين داخل السجن و خارجه، و سرعان ما يصبح ذو شئن يحسب له الكثير من الحساب.
الفيلم الذي يمتد طوله لحوالي الساعتين و النصف مليئ بالاحداث المثيرة و التي قد يضيع المشاهد بين ثناياتها ، لكن المخرج أوديارد يعمل على ربطها بشكل بارع و يتحكم فيها كالخيوط التي يملك السيطرة عليها . تتوالى الاحداث تارةً بين لحظات الالم و السعادة ، العنف و الحب و يأتي العمل مسلياً و جميلاً في الابهار البصري و الروائي . و بالطبع اداء الممثل الرئيسي طاهر رحيم متميز و غاية في الابداع ، و منصفاً للدور الذي يؤديه. و ها هي موهبة جديدة قد برزت على الساحة الفنية.

رجل على الحبل Man on Wire


اخراج :جيمس مارش James Marsh

طموحات الشاب الفرنسي فيليب بيتي ( Philippe Petit) بالمشي على خيط رفيع يفصله عالياً عن جاذبية الارض و ملامسة السماء لم تثنيه الحواجز و المعوقات من المشي بين برجي التجارة العالمي (قبل كارثة سقوطهما) في نيويورك. لم يكتفي فيليب بيتي بالمشي فقط ، فقد قدم عرضاً راقصاً لمدة ساعة من الوقت قبل أن يتم القبض عليه من قبل شرطة نيويورك و احالته للفحص الطبي النفسي للتأكد من عدم جنونه ، و سجنه لفترة قصيرة قبل الافراج عنه. هذا الوثائقي ، جميل في التقرب من شخصية بيتي و شغفه الخطير منذ نعومة أظافره في التسلق عالياً و تحدي الصعوبات ، التي قد نجده ضرباً من الجنون. هذا الفن الرفيع الذي يفني فيليب بيتي جل عمره في سبيل تحقيقه ، لا يتوفر لكل شخص لانه مبني على شغف عميق و قدرات ذهنية و جسدية مصقولة عبر الوقت لتحقيق غايات محددة.

الوثائقي يوظف العديد من المواد المصورة للوصول الى خاتمة القفز فوق حبل الوصل بين البرجين ، فيعتمد على بعض المشاهد الأرشيفية المصورة التي التقطها رفاق درب بيتي ، اعادة تمثيل لمشاهد اختراق الحواجز الامنية ( استطاع فريق عمل بيتي التنكر كرجال صيانة في أحد البرجين لرسم المسافات و اعداد العدة للانطلاق)، و بالطبع الاعتماد على المقابلات المصورة لفيليب بيتي و المقربين منه لربط اجزاء الفيلم.

حدود السيطرة The Limits of Control

اخراج: جيم جيرموش Jim Jarmusch

الممثل اسحق دو بانكوليه (Issach De Bankole) ، الذي يشارك للمرة الرابعة بأفلام المخرج جيم جيرموش ، و هنا يأخذ الدور الرئيسي لشخصية غامضة لملاك مخلص ، يلتقي بعدد من الاشخاص في اسبانيا، يستمع الى أحاديثهم ، من الدون المشاركة فيها، عن الفلسفة، السينما، الموسيقى ، البوهيمية ، و الفنانين ... غذائه الروحي هي لتلك اللوحات المعلقة على جدران متحف الفنون المعاصرة ، يتمعن فيها و تأتي كرمزية شعرية وجودية خارقة لحدود السيطرة . يتنقل من مكان الى أخر ، و من ثم يجلس في أحد المقاهي و يحتسي كوبين من القهوة و يراقب بانتظار وصول المراسل الذي ما أن ينتهي من حديثه حتى يمرر له علبة كبريت تحتوي على شيفرة مرمزة و كل ذلك يدور في سعي دو بانكوليه للوصول الى هدفه النهائي.

أفلام جيم جرموش بعيدة كل البعد عن الميلودراما ، و هي مجزئة الى مقاطع و أجزاء تخدم الفكرة العامة . من يتوقع حدوث تسلسل روائي في أفلامه قد لا يجد الكثير منه، بل أن الافراد و ما يصدر عنهم هو لب الحدث بذاته. هناك مشاركة لعدد كبير من الممثلين الذين سبق أن عمل المخرج معهم أمثال :
Alex Descas, John Hurt, Youki Kudoh, Bill Murray, and Tilda Swinton
و وجوه جديدة لم يسبق أن عمل معها : كالممثل المكسيكي Gael Garcia Bernal و الممثلة الفلسطينية Hiam Abbass ، و عدد لا بأس به.

الفيلم يرمز الى الكثير و قد يعتبر أول عمل للمخرج ذات مدلولات سياسية ، حيث أن الثقافة المتنوعة للشعوب بكل أشكالها هي مقهورة و تحت سيطرة الرجل الذي يجلس خلف اسواراً حصينة و ما على الملاك المخلص سوى مواجهته.

٢٠٠٩/١٢/١٨

حدث أنني في فترة الثمانينات كنت من الشغوفين بحلقات المخرج العبقري ألفرد هيتشكوك " Hitchcock Presents" ، القصص متنوعة في كل حلقة و جميعها مليئة بالمفاجئات و اللالغاز . المشاهد يتابع مجريات الاحداث الى النهاية التي تأتي خاتمتها معاكسة لكل توقعاته (هل لان البشر يبنوا توقعاتهم كنتيجة طبيعية لمكتسبات واقعهم ؟ ) و صادمة أحياناً.

واحدة من الحلقات التي أذكرها تدور حول قاتل متجول أرعب المدينة بأسرها و بقي الشغل الشاغل لوسائل الاعلام و حديث الناس ، الى أن نأتي لتلك السيدة التي تسكن بمفردها ، وقد انكبت بالبحث عن ذلك الشخص الذي تريد أن تثق به كفاية لتغير قفل منزلها. تلتقي بعدد من الاشخاص لكنهم يثيرون لديها الشكوك و الريبة الى أن تلتقي بشخص ظريف يساعدها على جلب فاتح الاقفال و لكن المفاجئة التي لا تأتي ببالها، و ببالنا أيضاً ، أن ذلك الظريف هو القاتل المتخفي.


على العموم ، هناك الفنان السويسري تومس أوت Thomas Ott المشهور برسومه الصورية comics، و من أعماله ما يشبه لحدً ما ما ذكرته سابقاً عن حلقات هيتشكوك التشويقية ( أو تلك الحلقات المشهورة لمسلسل "Tales from the Crept" ). قصصه غاية في الغرابة بحيث أنها خالية تماماً من الحوار و معتمدة كلياً على الصور المتسلسلة للاحداث . الرسوم بالابيض و الاسود تأتي كدلالة على قساوة الحياة و سوداويتها و كذلك للشخوص الذين يعيشونها ، هم انتهازيين بطبيعتهم ، الغرابة تتحكم بطباعهم و العنف وسيلتهم . لا وجود هنا للخيرين ، بل أن الشر متحكم بالخيرين أيضاً. الكادر الذي يضم الحدث مأخوذ بزوايا متدرجة - و كأنها رسومات مرسومة على ألواح لفيلم يراد تصويره - بحيث يطغي الظلال على الوجوه و تبدو قاسية و مذنبة و قد تحمل تلك الزاويا المأخوذة من الاعلى ، و من الاسفل ، أبعاداً مختلفة : كذلك الرجل الذي يسير في رواق مظلم و يبدو أنه يخفي شيئاً ما ، الى أن يلقى حتفه على يد مجرم ، و هكذا....



٢٠٠٩/١٢/١٣

عدت للتو من حضور مهرجان دبي السينمائي حيث تم عرض فيلمي الوثائقي القصير " عن أولئك الذين رحلوا " ، و هنا مقال للزميل ابراهيم توتونجي في جريدة البيان الاماراتية حول الأفلام المشاركة في الليلة اللبنانية التي أقيمت ضمن مهرجان دبي السينمائي الدولي.


شيرين أبو شقرا، مريمام الحج، علي حمود، جيل طرازي.. أربعة شبان من لبنان واجهوا أول أمس جمهور «دبي السينمائي» في الصالة الكبيرة التي احتضنت ليلة «سيني كلوب» اللبنانية. «نشكركم، قدمتم جديدا، بعيدا عن الطائفية والحرب الأهلية»، قال احد المتفرجين. «لماذا ركزت على المثلية الجنسية في مشاهد بين فتاتين.. لماذا غابت صورة الرواة، أصحاب الضحايا في فيلمك.. لماذا لم نشاهد الحرب (!) الدائرة في الشوارع، فيما أبطالك مشغولون بالتدريب على مسرحية..


هل أردت من فيلمك إدانة الشباب اللبناني الذي يغادر البلد..»، هذه عيّنة من أسئلة الشباب اللبناني، على المقلب الآخر، «مقلب» الجمهور. عينة تعكس قليلا عن أزمة السينما في لبنان، المعبأ بأزمات متشعبة، ليس آخرها الفن السابع.


أزمة جمهور المتلقين، ممن يشتهون أفلاما تبعدهم عن واقع السياسة والفساد والتردي الاقتصادي الذي تغرق فيه شوارع بيروت، وتراهم في الوقت ذاته، ينبرون لـ «قراءة» هذه الأفلام، بمكانيزمات وفلسفة ذات الواقع الذي يدعون نبذه.


لم يتحمس أحد من الشباب اللبناني الذي غصت به قاعة «مول الإمارات» لكي يسأل مخرجي الأعمال عن تجربتهم السينمائية، في عمقها، أسلوبا ومضمونا، وحكايات التجربة الأولى، والمثل الأعلى والحلم والمشروع. لم يسأل أحد أبو شقرا إن كانت بطلتها المغنية العتيقة «وداد» قد أمهلها القدر مشاهدة وثائقي «لحظة أيها المجد»، قبل موتها. السؤال كان عن مشاهد «السحاق».


لم يشغل بال أحد أداء الممثلين في فيلم مريمام الحج «ما شفت الحرب في بيروت»، وذلك الصمت الموجع الذي يسيطر على شخصيات، تبدو عاجزة، وعالقة في مكان عصيّ على الفرح، كما هي المدينة، كما هي بيروت.


السؤال كان عن افتقاد الحرب، الاشتياق إلى الرصاص والجنون والشتائم، كما في «ويست بيروت». لم يحاور أحد من الشباب علي حمود، صاحب «عن أولئك الذين رحلوا»، الذي يتعرض لحكايات الضحايا المدنيين الذين قتلوا «صدفة»، أثناء تواجدهم أمام مواكب التفجيرات السياسية.. لم يسأله أحد عن كادرات فيلمه المصوبة على الشوارع، الخاوية المذعورة حد الضجر.


ولم تخل «المواجهة» الوجيزة مع جيل طارازي، صاحب «بكرة ستة ونص» من عقدة اللبناني المهاجر، المتواجد في الصالة، الذي ظن، برغبة اختزالية فيها الكثير من الـ «إيغو»، أن المخرج ينتقد الشباب اللبناني الذي «ترك البلد»، لمجرد أن عبارة «مفكر حالك تارك البلد، رح تصير مهم برا»، وردت على لسان صديق المسافر.


من هنا، من ذلك الجو، الذي يعاين وعي الجمهور السينمائي اللبناني، بوسعنا أن نفتح جدالا حول «الصناعة السينمائية» في لبنان. ذلك السؤال الذي وجد المخرجون الأربعة أنفسهم عاجزين، أو ربما غير راغبين، بالإجابة عنه. تراهم فكروا للحظة: مأزق السينما في لبنان في أهم ملامحه، قابع في شخصية الجمهور واشتهاءاته وقضاياه ومكيانيزم التفكير الشعبي لديه؟


هذا جدال معقد، وغير مغر، تحديدا في لحظة الاحتفاء بأربع طاقات جديدة، عساها تضخ دماء جديدة إلى شرايين ثقافية، ملأها الشحم وهددها التجلّط.


وداد الذي «قبّلها» المجد و..غادر


«كان جدي يملك ربع روسيا.. لقد حوربت لأنني يهودية الجذور.. طلب من محمد عبد الوهاب أن أغني أغانيه، فقلت له «سبني أفكر».. أنا أفضل من أم كلثوم في تتبع الإيقاع وطواعية الغناء.. أراد عاصي الرحباني أن يشكل مع فيروز ثنائيا غنائيا.. أغنية يا بهية كتبت خصيصا للتغزل في عيون أمي». هي بعض الشهادات. ربما تحتمل النكتة، أو الألم. السخرية، من القدر واللعنة والأحلام العاجزة عن التحقق.


تحتمل نعي المجد الزائل، والاعتزاز به في آن.. تلك الشهادات هي كلام لمطربة لبنانية عاشت مجدا غنائيا بدءا من خمسينيات القرن الماضي. اسمها وداد، جايلت صباح ونور الهدى، وكتب له ولحن أعظم شعراء الشام والبر المصري. لكن «لعنة الحظ» أصابتها.


ذكورية الأزواج وتسلطهم (بينهم أبوها، ثم توفيق الباشا الزوج)، يهودية المنشأ (إذا طاب لنا أن نصدق شهادتها)، سذاجة فنية (كالتدلل على محمد عبد الوهاب).. كلها أسباب ساهمت في عدم شيوع اسمها، على مستوى جماهيري، مشابه لما حصدته صباح، على سبيل المثال، رغم أن من يعرف «ريبرتوار» أغاني وداد، يثق جدا بالمتربة الرفيعة التي تقف فيها على مسرح الطرب، فهي ذات صوت مقتدر، فيه من قوة أم كلثوم وفايزة أحمد، ودفء نجاة الصغيرة وفيروز، والدلع الشعبي لسميرة توفيق وصباح.


وفي سنواتها الأخيرة، وكما هي حال الكثير من مبدعي العالم العربي، احتجبت وداد، مثقلة بـ «ظلم» التاريخ، وعجز الزمن. ثم طرقت أبو شقرا بابها:«أردت أن أظهر، بطريقة بعيدة عن الكليشيهات، سيرة هذه المغنية العظيمة التي لم ينتظرها المجد. مر أمامها، احتضنها، قبلها، ترك لها وردة، ظنت أنه باق تحت وسادتها طوال العمر، لكنه سرعان ما غادرها»، تقول المخرجة المقيمة في شمال فرنسا، حيث تدرس السينما في استوديوهات «فرسنوي» التي مدتها بالخبرة والتقنيات لانجاز الفيلم.


المخرجة الشابة في حافظتها حتى اليوم «فيلمان ونصف» على حد قولها، وتحضر لفيلم تحريك جديد، ولمواجهة ورثة وداد (توفيت قبل أن تشاهد الفيلم لكن المخرجة تفترض أنها كانت لتحبه) في المحاكم، بتهمة «التشويه والتعرض إلى الجذور اليهودية».


تقول أبو شقرا: «قدمت ما هو أعمق من ذلك بكثير، ولا تعنيني هذه التفاصيل. أردت أن أوجه رسالة احتفاء إلى واحدة من أهم السيدات المبدعات في تاريخنا الغنائي الشرقي. أن ارتحل مع أحلامها، أحلامنا، وكلمات أغانيها الجريئة وألحانها القوية. أردت معايشة سينمائية لخيبات المبدع العربي، التي لم تنقطع يوما». جاء فيلم أبو شقرا مؤثرا، وسيتسع مجال آخر لاستعراض تقنيته ومضمونه.


أن تموت لأنك تتمشى في بيروت


«نشرات الأخبار تمرّ قرب الضحية، تختزل حياتها إلى رقم. أردت أن أقول أن لتلك الأرقام حيوات، أحلام، قصص، لم تنته لمجرد أنهم صاروا أموات، ونحن لا زلنا أحياء. كل واحد منا معرض لتلك الصدفة في بيروت. أن يموت، لا لشيء، سوى لكونه مرّ في بيروت». لكأن منطق فيلم علي حمود «عن أولئك الذي رحلوا»، يبحث في هذا الحال. فيلمه، الذي ربما احتاج إلى تقنيات تصوير أكثر جودة (لكن مأزق تمويل أفلام الشباب يظل التحدي الأكبر)، يثير الفزع.


نحن نستمع إلى شهادات محكية، من دون صور، لأهالي ضحايا شبان، قتلوا في إثناء مرورهم في مناطق التفجيرات البيروتية التي غمرت دماؤها شوارع بيروت، بدءا من اغتيال رفيق الحريري، وما تلاه من اغتيال سياسيين وشخصيات عامة. «المدنيون، كانوا هناك أيضا. مروا من هناك وقتلوا، لا نذكرهم كثيرا في الإعلام. أردت أن أنتصر لهم، لحياتهم وموتهم».


ذلك الشاب الذي يضج حياة، ويدحرج الكرة ليل نهار، وينقذ ممثلة اعلانات كاد بحر بيروت أن يبلعها، ويستعد لمواجهة المنتخب الهندي، ويبني أحلامه بالحماسة والحب.. مات في ملعب نادي النجمة، مع أصدقائه، أثناء تفجير موكب سياسي صودف مروره قرب جدار النادي. تلك الحبيبة، جاءت من ألمانيا، لتتزوج «ابن الحلال»، وتستقر في لبنان الذي لم تعرفه في طفولتها، فـ « قتلها في عز الشباب».. قصص كثيرة رواها الأهالي وكاميرا حمود التي ركزت على شوارع بيروت طوال الفيلم، الشوارع حيث الموت المخبأ للأبرياء.


إضاءة


ضمن فعاليات المهرجان عرض نادي المشهد السينمائي، تحت عنوان «الليلة اللبنانية» أربعة أفلام قصيرة من لبنان خلال أمسيتين متتاليتين انتهت مساء أمس، سلطت الضوء على القدرات الإبداعية لدى بعض أبرز المخرجين المخضرمين، وكذلك الصاعدين من لبنان.


وأوضح مسعود أمرالله آل علي المدير الفني ل«دبي السينمائي»، أن التعاون مع «نادي المشهد السينمائي» لإطلاق أول برنامج مخصص للسينما اللبنانية تحت اسم «ليلة لبنانية»، يعكس حرص المهرجان الدائم على المبادرات التي تعزّز التواصل المجتمعي.