٢٠٠٩/٠٢/٢١

الفيلم المفقود


الفيلم المفقود هو عبارة عن فيلم طويل أو قصير فُقّد أثره ولم يعد موجوداً في الارشيف أو ضمن المقتنيات الشخصية. هذا المصطلح يمكن تعميمه أيضاً بشكل عملي في حالة المقاطع المحذوفة ، من دون مونتاج يُذكر، ولم تُحسب كنتاج عملي فاعل.
في بعض الاحيان يتم إعادة إكتشاف الفيلم المفقود في إشارة اليه كفيلم " لازاروس" ، فيما يُسمى الفيلم الذي يعثر على أجزاء منه "بالفيلم النصف مفقود".

الاسباب

معظم تلك الافلام التي فُقِدت تعود الى مرحلة الافلام الصامتة و بداية تلك الناطقة ،أي ما بين ١٨٩٤ و ١٩٣٠. و يذُكر المخرج مارتن سكورسيزي (المهتم كثيراً في الارشيف السابق ، ولعل الفضل يعود اليه في إعادة انقاذ أحد أهم التحف الفنية " أنا كوبا " لميخائيل كالاتوزوف الذي قوبل بالا مبالاة من روسيا و كوبا أنذاك و دخل في أدراج النسيان أو "التلف الجزئي" الى آن تم إكتشافه) ، و كواحد من أعضاء مؤسسة ترميم الافلام صرح أن ٨٠ بالمائة من أفلام تلك الحقبة قد فُقِدت.

العديد من الافلام التي فُقدت كانت من مادة النيترت الخام الغير مضمونة و القابلة للاشتعال بسهولة. فلم تسلم العديد منها من ألسنة اللهب التي أتت على الارشيف. فعلى سبيل المثال، تعرضت أحد استديوهات فوكس لحريق هائل ألحق التلف بأفلام ما قبل العام١٩٣٥. هذا و من المعلوم، أن الفيلم الخام سريعاً ما يتعرض للتلف ان لم يحفظ ضمن غرف متخصصة يتم التحكم في درجات حرارة معينة و رطوبة معقولة .

لكن يبقى العامل الرئيسي ، والمرجح أحياناً بقوة ، لفقدان الفيلم هو التعمد الى اتلافه ، من حيث أن حظوظ النجاح التجاري للفيلم الصامت قليلة نسبياً أو لا تذكر بعد إنتهاء تلك الحقبة في الثلاثينات.

لم تتوقف الحال عند الافلام الصامتة، بل تعرضت العديد من الافلام الناطقة في بداية الامر للتلف نظراً لاستعمال شريط منفصل للصوت مسجل على إسطوانة الفونوغراف التي تعرضت للفقدان و سوء الاهمال، فيغدو الشريط المصور عديم الجدوى من دون الصوت و بالتالى عرضة للتلف ، لكن ما لبث أن تم تصحيح هذا الوضع في عملية تحويل الصوت الى الصورة مباشرة .

أما قبل ظهور أجهزة الفيديو و التلفاز ، نالت الكثير من الافلام نصيبها من الاهمال بعد انتهاء مدة العرض. هذا و عمِدت بعض الاستوديوهات الى تلفها لتقليص عملية الارشفة. العديد من افلام النيغاتيف، ذات اللونين، من العشرينات و الثلاثينات المحفوظة بتقنية التكني كولور استغني عنها لافساح المجال لافلام التكني كولور المتعددة الالوان في جعبتهم. فالعديد منها تم اعادة تدويرها لاحتوائها مادة النيغاتيف الفضي، في حين تم بيع بعضها، مكتملة أو مجتزئة المشاهد، لهواة جمع لقطات الافلام لعرضها بين أصدقائهم كمقنيات ثمينة على آلة العرض المنزلي.

فلكي يتم حفظ الافلام ، الذي يدخل النيترات في تركيبتها، يتم نسخها لفيلم أكثر ضمانة أو تحويلها عن طريق "عملية الديجيتال" ،في حين تبقى العملية الأولى مفضلة على الثانية بين المختصين في الارشفة نظراً لديمومتها و لحفظها خصائص الفيلم (هنالك بعض المعاهد المتخصصة في بريطانيا، فرنسا، و الولايات المتحدة تدرس مادة ترميم و حفظ الافلام).

من الحالات التي تثير الانتباه في هذا المجال هي ما أصاب اربعين فيلماً للمثلة ثيدا بارا ، أحد أيقونات الجنس أيام الافلام الصامتة والملقبة ب "مصاصة الدماء" نظراً لتأديتها دور المرأة الخطيرة في فيلم " مصاص الدماء" : لم يتبقى لها سوى ثلاثة أفلام و نصف من أصل أربعين فيلماً . ذات الشيء حدث للمخرج الالماني فريدريك مورنو ، صاحب " نوسفوراتو" و " الضحكة الاخيرة " ، حين فقد بعضاً من أفلامه الا من بعض ما تم الحفاظ عليه. إستثنائياً ، حافظ تشارلي شابلن على جميع أعماله التي شكلت مسيرته الفنية ، و حتى الاجزاء التي لم تستعمل اطلاقاً والتي تعود الى سنة ١٩١٦ ، الا من فيلم " إمرأة البحر " (الذي عمد الى اتلافه تفادياً للضرائب) و أولى أفلام الكي ستون " صديقها قاطع الطرق".

الافلام المفقودة لاحقاً

مع ظهور النسخ الخام من حجم ال ٣٥ مم في عام ١٩٤٩ ، لاقت ترحيباً في الوسط الفني نظراً لكونها أكثر ثباتاً و ديمومة من سابقتها نيترانية التكوين. و أقل عدداً من الافلام فقُد ما بعد ١٩٥٠، أحياناً ، نتيجة تحلل بعض مكونات اللون و الحمض المركِب لخام الفيلم فكان من الصعب الحفاظ عليه من التلف.

العديد من الافلام الشائعة الصيت من فترة الخمسينات و جراً مازالت متوفرة ، لكن بعض الافلام الاباحية و الافلام الرخيصة ( السطحية و المليئة بالاكاشن للابهار وليس الا) لم تنجو من الاهمال. من بين افلام المخرجين ، المعبود من قبل الجمهور ( ترجمتها حرفياً " الافلام المعبودة " ) و التي لاقت نصيبها من الفقدان :

  • هيرشل غوردن لويس عن فيلميه لسنة ١٩٦٩: " نشوة النساء" و " ليندا و أبيلين " .
  • أدوارد وود (وهذا من أكثر المخرجين غرابةً و هوساً بالخيال العلمي و ذيوله . هنالك فيلم عن حياته أداه بإتقان الممثل القدير جوني ديب تحت نفس التسمية للمخرج تيم بورتن) وفيلمه " اللا متخرج " فُقِد أثره تباعاً لفيلمه " خذها بالتجارة" (١٩٧٠)، الذي نجى جزئياً من دون صوت. الأكثر غرابةً هو فيلمه الاباحي " نكرومانيا" (أو حسب الترجمة " الهوس في استحضار الموتى") الذي يعود انتاجه لسنة ١٩٧١ ، اختفى لعدة سنوات الى أن ظهرت نسخة ممنتجة منه لدي أحد هواة جمع الافلام الغريبة سنة ١٩٩٢ و ظهور نسخة أخرى مكتملة في ٢٠٠١. أما الاكتشاف الاخر فجاء سنة ٢٠٠٤ للفيلم الاباحي " المتزوجون الصغار".
  • توم غرايف و أول فيلم طويل له " التجربة النبيلة " (١٩٥٥)، حيث يقوم فيه كمخرج وممثل بدور عاِلم فذ غير مفهوم في محيطه ، أعتبر عمله مفقوداً الى أن عُثر عليه من قبل مخرج وثائقي ، يدعى إيلي شنيدر، خلال عمله في انتاج وثائقي عن المخرج غرايف تحت عنوان " فتى من خارج هذا العالم " .
  • معظم أفلام أندي ميليغن تعد من المفقودات الفنية.
  • العديد من الاعمال القصيرة - أفلام تربوية، تدريبية، و ذات مغزى ديني - ما بين ١٩٤٠ وصولاً الى ١٩٧٠ تُعد مفقودة ، لاعتبارها غير قيمة أو قابلة للترميم.

أفلام تقريباً مفقودة

العديد من افلام الحقبة الصامتة ، ذات الاهمية في التمثيل و الاخراج و المواهب الافتة للانتباه ، مازال يُحّتفظ بها كنسخ و حيدة و من دون أية نسخ أخرى في المتاحف و الارشيف، و ضمن المقتنيات الخاصة .

أفلام غير متوفرة تجارياً


لا تقتصر تسمية " الفيلم المفقود" على ما فُقد تماماً، بل يمكن اعتبار الافلام المنجزة والتي لم تتوفر للمجهور سواءاً على ال VHS أو DVD أو العرض التلفازي و غيره ... وتلك الافلام :

  • "لتي لينتون " (أو لينتون الصغيرة ) انتاج شركة ام جي أم لعام ١٩٣٢ ومن تمثيل جون كروفرد ، روبرت مونتغمري ، و نيلز أستر. توقف عرضه عندما نظرت فيه المحكمة الفدرالية في يناير من عام ١٩٣٦ ووجدت أن السيناريو الوارد من قبل الشركة المذكورة مقتبس بشكل واضح من مسرحية " سيدة ذات سمعة سيئة " لعام ١٩٣٠ ، لكل من إدوارد شيلدون و مارغريت بارنز ، و لم توجه اليهم حقوق العرض أو حتى الذّكر ( أفيش الفيلم يذكٌر أنه مقتبس عن رواية من نفس الاسم لمؤلفتها ماري بيلوك لوندس ).
  • " أغنية الجنوب" لشركة ديزني ، الذي أعيد عرضه عام ١٩٨٦، مُنع من العرض في شمال أميركا لاسباب متعلقة في عنصريته تجاه حقبة اعادة الاعمار ما بعد الحرب الاهلية الامريكية. الا أنه متوفر في أوروبا و أسيا.
  • الفيلم الموسيقي " هل باستطاعة هيرينموس ميركن نسيان ميرسي هامبي و ايجاد السعادة الحقيقية ؟ " (١٩٦٨) للمخرج أنتوني نيولي صُنِف ضمن مرتبة "الاكس" ولم يُعرض.
  • الفيلم الوثائقي لفرقة الرولينغ ستونز "بلوز مصاص العضو" صنُف كمسيء للذوق العام و منعُ عرضه الا بحضور مخرجه روبرت فرانك.
  • " انشون" (١٩٨٢) لم يحظي بأي عرض تجاري في الاسواق بعد فشله الذريع في أولى عروضه.
  • "يوم على الشاطيء" ، المصنوع سنة ١٩٧٠ في احدى المنتجعات البريطانية المهملة، والذي تعود كتابته الى المخرج الشهير رومن بولونسكي و أداء كل من مارك برنز و بيتي ايدني وبحظور طفيف للممثل بيتر سيلرز ، أخذ جولة في المهرجانات السينمائية وحط رحاله هادئاً بعيداً عن العروض.
  • "أخيراً حب طويل" كان كالقشة التي قصمت ظهر البعير للمخرج بيتر بوغدانوقيتش والذي صنع كتحية موسيقية لكول بورتر سنة ١٩٧٥ من تمثيل برت رينولدز و سيبل شيبرد .
  • " اليَوم الذي بكى فيه المهرج " (١٩٧٢) فيه يؤدي جيري لويس دور مهرج يرفه عن أطفال في أحد المعتقلات. فبعيد الانتهاء من تصويره ، وقع في مشاكل قانونية مع مؤلف الرواية و لم يتم توليفه.
  • الميزانية المنخفضة لفيلم " الاربعة الرائعين " ، انتاج ١٩٩٤ ، لم يشفع لمخرجه أولي ساسون و منتجه في كسب ود الجمهور و اختفى من الرادار.
  • ذات الشيىء حدث مع " الفتاة التي علِمّت الكثير " لسنة ١٩٦٩.
  • " الخوف و الرغبة " أول عمل للمخرج الشهير ستانلي كوبريك. لم ينل رضاه ، فقام بإستعادة جميع النسخ لمنع عرضه في المستقبل.
  • فيلم الفرقة البريطانية البيتلز " دعه يكون " لم يٌطرح بالاسواق لمدة عقدين من الزمن، الى أن صدر من جديد من قبل شركة توزيع لاشرطة الفيديو.
  • " السماء الحمراء في الصباح" (١٩٧١) لم يوزع على أشرطة الفيديو أو ال DVD.
  • " فيلم غونغ الاستعراضي " الذي انتج سنة ١٩٨٠ لم يتوفر تجارياً ، الا ما ظهر منه لماماً ضمن فيلم " اعترافات عقل خطير " .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات: