٢٠٠٩/٠٢/١٥

سهرة قصيرة جداً مع " لوك بيسون "



أربعين دقيقة من وقتي ضاعت مساء أمس في مشاهدة " أنجيل-أ" للمخرج الفرنسى لوك بيسون ، العائد بعد غياب سبعة سنوات في كتابة وإنتاج أفلام لا حول ولا قوة لها بين بكرات البروجيكتور في صالة عرض فارغة. أدركت نفسي و لم أستطع متابعة الفيلم فأوقفت ال DVD و عدت الى قرأة ما تبقى من الصفحات الاخيرة لكتاب أهملته على الرف منذ مدة. حقاً ، كم سخيف هذا الفيلم و مخرجه الذي نادراً ما أعُجِبت بأفلامه ( قد يشفع " ليو" أو " المحترف" له). قد يكون لوك بيسون هو المخرج الوحيد الذي يلبس ثوباً أمريكياً مرقطاً في باريس و يتباهى به أمام القلة من معجبيه ، وقد يعود ذلك الى شغفه في أن يصبح النموذج الهوليوودي من ستيفن سبيلبرغ في فرنسا أو أوروبا إن شائت - وهذا حقه في نهاية الامر. يكمُن سر الموهبة التي يتمتع بها بيسون في أنه قادر على انتزاع أي دوافع سيكولوجية لممثليه فيصبحوا مجرد مغامرين أشقياء داخل تركيبة النص سواءاً كانوا قدسين و رُسل في " الرسولة: قصة جان دارك" ( وهذا لا يشبه شيئاً في رائعة المخرج الدينماركي كارل درير " شغف جان دارك" )، أو كساعين للحصول على مادة الكون في " المادة الخامسة" أو حتى كعّميلة مزدوجة يُطلق عليها النيران و تنجو لان إسمها " نيكيتا" .

المشكلة أيضاً تكمن في أنه يتعمد التكرار في تركيبة الشخصيات و الحوار في مجمل أفلامه . الشخصيات تبدو تأهة لا تنتمي الى جذور أو هويةٍ ما ، هي شخصيات كونية إذا أردت. و كذلك الحال في قصصه التي تتخطى الحدود ولا تتقيد بفعل المكان والزمان ، ويصبح الحوار خليط عجيب من كليشيهات" الأوكي" (okay) التي لا تفارق شفاه ممثلاته الثلاثة - ذوي قصات الكاري الملون (المهضومة) - سواءاً الفتاة الصغيرة نتالي بورتمن في " ليو" (أو "المحتَرِف" في تسميته الأمريكية) ، أو ميلا جوفوفيتش في " المادة الخامسة " أو المرأة الغامضة ري راسميوسن في " أنجيل-أ" . الاعتباطية سيدة الموقف في طريقة التعاطي بين ما يدور من حراك وأقوال بين الممثلين فيبدو كماً يستجدي عطف المشاهدين من دون جدوى ، هذا من جهة و من جهة أخرى، تبدو الفتيات في عالم بيسون كمن سقطن للتو الى الارض من العدم أمام عدسته ليجدن أنفسهم بلا مأوى يبحثن عن الخلاص في صحبة شاب في ورطةٍ ما.

لكن لأكون منصف بحق المخرج قليلاً ، لا يمكن إعتباره متساهلاً في نقل مشهدية ضعيفة الى عدسة كاميرته ، فهو يتمتع ببصيرة جميلة تراعي المكونات و العناصر الجمالية للمشهد سواءاً في اللقطات الواسعة و القريبة ، تعدد زوايا الرؤية من الأسفل و الأعلى و الوسط، معالجة الالوان و تشكيلاتها و ترابط اللقطات... لكن هل تكفي تلك البصرية الجميلة في القفز على المعالجة الاساسية لفيلم ضعيف لانقاذ ما لم يسعى اليه المخرج في إدراكه منذ البداية ؟ عسى الا يتحول لوك بيسون الى ذاك الشاب المهاجر العاجز عن تسديد ديونه لعصابات تلاحقه فتأتي "أنجيل-أ" لإنقاذه من براثنهم و تغير حياته الى الابد.

لم تنتهى سهرتي عند الدقائق الاربعين ل" أنجيل-أ" و نهاية آخر صفحات الكتاب فوجدت البديل سريعاً بصحبة ياسوجيرو أوزو الى وقتٍ متأخر مع " قصة توكيو" .


هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

لم اتوقع منك حتى التفكير بان تضيع اقل من هذا الوقت على لوك بسون
شاهد تشي قريباً