مجموعة أفلام " عشرة دقائق لاحقاً :البوق " يظم أقطاب من المخرجين المعاصرين في تشكيلة من الافلام القصيرة ، كل مخرج يقدم أسلوبه في معالجة موضوع داخل الاطار الزمني للقصة.
فكما تعاند السينما على بوتقة الاحداث ضمن الاطار الزمني من خلال الزمان و المكان ، تأتي هذه المجموعة من الافلام لاعادة طرح الهيكل الزمني الذي تنصهر من خلاله الاحداث و الشخصيات لتشكل الحدث الذي قد يحصل لاحقاً.
فالزمان و المكان في الشريط الأول يأخذنا الى فينلندا تحت عنوان " لا جحيم للكلاب " (Dogs Have No Hell) للمخرج الفينلندي " آكي كيروسماكي" ، صاحب العديد من الافلام الهادئة و ذات الطابع التجريدي و البسيط و منها : Leningrad Cowboys , The Match Factory Girl , The Man Without a Past, Far Away the Clouds Escape, ( و لهذا المخرج الكثير من التأثير و التشابه من حيث بساطتها و تلك الأفلام الجميلة للمخرج الامريكي " جيم جرموش " و الذى يشارك بالاخراج ضمن هذه المجموعة). كيروسماكي يقدم شخصية غرائبية لرجل يخرج من السجن ليلتقى بعشيقته و يتوجه في رحلة الى سيبيريا. ننتقل من بعدها الى " خط الحياة " ( Lifeline) للمخرج " فيكتور إريس “ (من أهم أعماله البحث عن فرانكستين في فيلمه The Spirit of the Beehive ) و الى حدثٍٍِ ما في قرية نائية في أسبانيا وقت دخول النازيين . النمط المتتالي من الحياكة و صناعة الخبز و غيرها من الاحداث كلها تدور بينما يغرق طفلٌ ما في النوم. المونتاج الفذ على ايقاع حركي تم استعماله بشكل متقن. أما الفيلم الثالث يحط بين يدي المخرج الالماني المبدع " فيرنر هيردزوغ " ، ذاك الذي يعد مدرسة مهمة في الفيلم الوثائقي و الذي تمتد سيرته الفنية الى أوائل الستينات في إخراج الافلام الوثائقية و الروائية على حداٍ سواء ، و هو المخرج الذي لا تتوقف كاميرته عن الذهاب بمشاهديه الى أبعد الحدود و عالم المجهول الذي يعد شغفه الحقيقي. فكيف لا و هو الذي أقدم على تناول حذائه ، في “ فيرنار هيردزوغ يأكل حذائه “ ( 1980) ( Werner Herzog Eats His Shoe) من إخراج Les Blank ، بعد تعهده للمخرج الوثائقي إيرول موريس إن أنجز فيلمه فسوف يفي بعهده وهكذا كان ( سوف أحاول في الاعداد القادمة إعداد عدد خاص عن سينما المخرج فيرنر هيردزوغ).
باكورة الفيلم الوثائقي القصير لهيردزوغ " عشرة ألاف سنة ماضية " (Ten Thousand Years Older) ينقلنا من خلاله الى أدغال الامازون للتنقيب عن سلالة قبيلة تعيش منذ زمن العصور القديمة في عصر التطور التكنولوجي وتجهله خارج حدودها الزمنية و الجغرافية في حدود العشرة دقائق التي يسلط الضوء عليها هيردزوغ عدسته على واقعها.
أما المخرج الامريكي جيم جرمش في " داخلي. ليل. المقصورة " ( Int. Night. Trailer ) يواكب الدقائق القليلة التي تقضيها الفنانة " كلوي سيفني" في مقصورتها حيث تأخذ أنفاسها بعد تصوير أحد المشاهد لها، لتتقاطع إستراحتها مع كل من يدخل اليها لإعطائها إرشادات معينة أو تفقد الصوت. هي لحظات متقاطعة بين الخصوصية الذاتية و متطلبات المهنة التي تقحم حياة الفنان في عزلته. يستعمل جيم جيرموش اللونين الابيض والاسود القاتم لتصوير مشاهده الطويلة و التي تعبر عن زمن سينمائي جميل لا يقف عند حدود الكمال بل و يتطلب الكثير من صانعيه.
" إثنا عشرة ميلاً ل ترونا" ( Twelve Miles to Trona) للمخرج الالماني المقيم في هوليوود، " فيم فيندرز” (الذي جفت ابداعاته في السنوات الحالية إثر انجازه أهم الاعمال الذي اشتهر بها و منها : American Friend / Paris, Texas و Wings of Desire ) يتجه صوب رواياته المفضلة في أفلام الطريق - Road Movies. نتابع مع رجل يبحث عن أقرب مشفى للعلاج بعد تناوله حلوى مخدرة تفقده السيطرة على قيادة سيارته. أما "سبايك لى" في " لقد سلبونا " ( We Wuz Robbed) فيسلط الضوء من خلال مقابلات ( مملة و ضحلة في تصوير اللحظات ) مع المعنين على اللحظات الاخيرة من الانتخابات الرئاسية الامريكية التى جرت في فلوريلدا و التي جرى من خلالها الفوز المشؤوم ل جورج بوش الابن على منافسه بعد حسمها من قبّل المحكمة العليا.
أما الفيلم الأخير " ١٠٠ وردة مدفونة عميقاً " ( Flowers Hidden Deep 100) للمخرج الصيني " تان زانغ " الذي يتناول التغيرات العمرانية الحديثة في بيجينغ و إضمحلال الماضي وبالتالي الذاكرة الجماعية .
بالرغم من أن المجموعة من الافلام تضيف الكثير الى أرصدت الاعمال الفنية لسبعة من المخرجين العالمين و تثري المكتبة السينمائية ، الا أنها تأتي ناقصة في بعض الاعمال لبعض المخرجين و التي كان من الافضل الاستفادة من الوقت لانجاز أعمال أفضل. من المؤكد أن هذه المجموعة تتبع في الجزء الثاني " Ten Minutes older: The Cello” و يضم المزيد من الاعمال لمخرجين أخرين.
من الاعمال المشابهة :
Ten Minutes Older: The Cello-
Chacun Son Cinema-
Cinema 16 : British Short Films-
Cinema 16: American Short Films-
Cinema 16: European Short Films-
